"انتخابات مشبوهة النتائج" هكذا علّق أحد موظفي تلفزيون لبنان على مسار العملية الانتخابية لاختيار ستة أعضاء في نقابة تلفزيون لبنان. عدد من الموظفين الذين رفضوا الكشف عن اسمهم، تحدثوا مطولاً عن تدخلات كبيرة حصلت من قبل أحد المدراء، وصلت إلى حدّ الإتصال هاتفياً بعشرات الموظفين وممارسة عمليات ترهيب وترغيب بحقّهم للاقتراع للائحة ضدّ أخرى، بما هو مخالف لحق الناخب بالإقتراع بحرية .
هذه الاتصالات سبقت العملية الإنتخابية بأيام وتواصلت حتّى اللحظات الأخيرة، لدرجة أنّ أحد الموظفين في إدارة رسمية تلقّى اتصالاً من رقم هاتفي عائد لتلفزيون لبنان قيل له فيه "إن المدير الفلاني يطلب منك الحضور على وجه السرعة للتصويت للائحة X"، ليتبين لاحقاً أنّ الإسماء تشابهت بين متلقّي الإتصال وموظف في شركة تلفزيون لبنان يبدو أنّه تأخر بالوصول تلبية لأوامر مديره .
ومن المغالطات التي حصلت أثناء العملية الإنتخابية أنّ أحدّ الموظفين المحسوبين على المدير المعزول طلال مقدسي، اتصل منتحلاً صفة موظف في وزارة الإعلام، طالباً تأمين كاميرا إلى الوزارة المذكورة لتصوير موضوع عائد للوزير، ليتبين لاحقاً أنّ الوزير لا يعقد أيّ اجتماع ولم يطلب تصوير أيّ موضوع، "والهدف إحداث بلبلة وإلهاء عدد من المصورين غير المحسوبين على لائحة الإدارة بعمل خارج الشركة".
كما أنّ اللائحة المدعومة من الإدارة -تقول المصادر- عمدت إلى المسّ بالتوازن الطائفي المعمول به عرفاً في انتخابات النقابة، وذلك بهدف تقليص أو قضم حصة إحدى الطوائف على حساب أخرى، بحيث شطبت أحد المرشحين من طائفة معينة وألغت حصة طائفته، "وهو أمر مستهجن ومستغرب وغير مسبوق في انتخابات النقابة المذكورة".
عمليات الترغيب والترهيب تضيف المصادر والضغوطات الكبيرة التي مورست على الموظفين، وصلت إلى حدّ مرافقتهم إلى حيث عملية الإقتراع، والتأكد من عدم حيازتهم على اللائحة المنافسة، وقسم كبير منهم جاهر بأنه اقترع خلافاً لقناعاته ولكن خوفاً من عمليات انتقام كانت ستمارس ضدّه فيما لو خالف هذه الأوامر. "وعلى رغم كل ذلك كانت النتائج جداً متقاربة بين الفائزين والخاسرين تراوحت من صوت إلى ثلاثة أصوات".
ولكن ما غاية أحد المدراء من دعم لائحة ضدّ أخرى؟ تجيب المصادر "بعض الذين فازوا كانوا أعضاء في النقابة وترشحوا مجدداً، واختبرت الإدارة مدى التواطؤ معها على حساب الموظف وحقوقه، مقابل بعض الإمتيازات لصالحهم الشخصي، كالتغاضي عن عدم إلتزامهم بالدوام أو الإستفادة من الإجازة السنوية مرتين في العام الواحد، وغيرها من "التمريكات والتمريقات" المخالفة للقانون، والتي تخلق أجواء متشنجة بين الموظفين نتيجة الإستنسابية في التعاطي من قبل الإدارة والتفريق بين الموظفين"، وهؤلاء تضيف المصادر "ينقلون محاضر اجتماعات النقابة للإدارة ويصدرون بيانات النقابة وفقاً لتوجهاتها وليس صوناً لحقوق الموظف، أي الإنقلاب على الدور النقابي، من هنا تحرص هذه الإدارة على تواجدهم داخل النقابة".
هذا ولا تستبعد مصادر أخرى، خوف أحد المدراء من المحاسبة -فيما لو تمّ تعين مجلس إدارة جديد– "لدوره في تغطية مخالفات الإدارة السابقة، بالإشتراك مع النقابة السابقة التي عمدت بدورها إلى التغاضي عن كل الإرتكابات التي مارستها الإدارة السابقة بحق موظفين دون وجه حق، من هنا يحرص هؤلاء على إيصال مرشحين يشكلون امتداداً للنقابة السابقة".